رحلة في كتاب من موكادور إلى بوسكورة للرحالة جيل لوكليرك

جيل لوكليرك رحالة بلجيكي في القرن 19 يتحدث عن الشعب المغربي . يعكس منظوره العدسة الاستشراقية التي يرانا منها الغرب في تلك الحقبة الزمنية .
“في ما مضى تمكنت الحضارة المغربية المتعارضة جداً مع حضارتنا، من تحقيق انطلاقة عجيبة ؛ لكن مجتمعاً يقوم على القدرية الإسلامية لا يمكنه أن يتميّز بالكمال. لذلك نتساءل ماذا تبقى من هذه الحضارة المتميزة؟ وماذا صار أولئك المغاربة الأباة والمحبون للحرب؟ حين توجد بين متوحشي القرن 19 هؤلاء نتساءل: هل هم الذين غزوا إسبانيا، والذين شيدوا أروع القصور والمساجد العجيبة التي ما تزال تثير الإعجاب بقرطبة واشبيلية وغرناطة وبطليطلة؟ كانت أوربا حينها ما تزال غارقة في الجهل والتوحش حين كان المغاربة يبرعون في الفنون والعلوم. لا يستطيع هذا الشعب المحتضر اليوم تذكر ماضيه المجيد. والكتب التي دونت ماضيه فُقدت والمكتبات خُرّبت. ولا يسترشدون بكتاب واحد في كل المملكة. والقرآن الذي يبقى هو الكتاب الوحيد الذي يقرأ بالمغرب، يُطبع بإنجلترا.
لم يتوقف الموريسكيون عن الانحطاط منذ اليوم الذي طردوا فيه من إسبانيا. كانوا أحيانا تحت حكم أمراء ضعاف وجهل وأحيانا تحت حكم مستبدين دمويين، لقد حافظوا على عاداتهم ولغتهم ودينهم، لكنهم فقدوا فنونهم وعلومهم وهذه الأمة التي كانت فيما مضى جد متنورة تحولت إلى قبيلة متوحشين مدنهم التي كانت بؤرا للأنوار في الفترة التي كانت فيها حضارتهم مزدهرة ليست اليوم سوى أكوام بئيسة من الأطلال. ربما لا يوجد مثال لانحطاط جد مثير للشفقة وجد سريع , يتعلق الأمر بظاهرة لا مثيل لها وهي أن بلدا يقع على أبواب أوربا وهو لا علم له، إلى حد كبير بحركة الأمم الأخرى، وأن حلول كل قرن يجده ما يزال على حاله يكفي للاقتناع بذلك قراءة محكيات الرحلة المكتوبة منذ 100 سنة: لا شيء تغير بالمغرب، والتي يمكنها أن تنطبق على المغرب المعاصر.”
المصدر : كتاب من موكادور إلى بسكورة ،رحلات داخل المغرب والجزائر – جيل لوكليرك ص 15 – 16
للتحميل : https://www.tarikhe.com/2024/09/bskra.html