
الضغط الذي يمارسه بعض الآباء على أبنائهم من خلال المقارنات والكلام السلبي، وخصوصاً عبر عبارات مثل “شوف ولد فلان مفرح والديه” أو “شوف بنت فلانة كيفاش كتشرفهم”، يؤثر بشكل كبير على الشباب. هذه العبارات، حتى وإن كان القصد منها التحفيز، تُشعر الأبناء بعدم كفايتهم، وتزرع فيهم إحساساً بالفشل والدونية.
تأثيرات سلبية للكلام السلبي والمقارنات:
- تآكل الثقة بالنفس: عندما يشعر الشاب أو الشابة أنهم لا يلبون توقعات الوالدين، يبدأون في الشك بقدراتهم، فيفقدون الثقة في أنفسهم، وهذا يؤدي بهم إلى الاستسلام أو تجنب السعي نحو الأهداف الكبيرة، لأنهم مقتنعون أنهم لن ينجحوا.
- الاضطرابات النفسية: المقارنات المتكررة تجعل الأبناء يشعرون بأنهم في منافسة مستمرة وغير عادلة، مما يولد لديهم القلق والتوتر، وأحياناً يؤدي إلى الاكتئاب. ويكبر الشباب وهم محملون بمشاعر سلبية وقلق دائم حول ما إذا كانوا “جيدين بما يكفي”.
- ضعف التواصل بين الأهل والأبناء: عوض أن يصبح الوالدان مصدر دعم نفسي، يتحولان إلى مصدر ضغط. هذا يُضعف العلاقة، فيصبح الأبناء أقل انفتاحاً على والديهم وأقل رغبة في طلب النصيحة أو التحدث معهم، مما يؤدي إلى بناء حاجز نفسي بينهم.
- خلق نماذج مشوهة للنجاح: قد يعتقد الشاب أن القبول لدى الأهل يعتمد على التفوق والنجاح الظاهري، مما قد يدفعه إلى السعي وراء الإنجازات لأجل إرضاء الآخرين بدلاً من البحث عن تحقيق ذاته.
- فقدان الاستقلالية: هذه المقارنات تُشعر الأبناء بأن قيمتهم تأتي من خارجهم، مما يدفعهم إلى فقدان إحساسهم بالاستقلالية، حيث يصبحون تابعين لآراء الآخرين، بدلاً من بناء قراراتهم الخاصة.
كيفية تجاوز التأثيرات السلبية على الأبناء:
- التشجيع والدعم الإيجابي: تقديم الدعم العاطفي والكلمات الإيجابية، خصوصاً في الأوقات الصعبة، يشجع الأبناء على تطوير ثقتهم بأنفسهم. إن إبراز نقاط القوة لدى الأبناء يجعلهم يشعرون بأنهم مقبولون كما هم.
- التركيز على التقدم الشخصي: بدلاً من المقارنة مع الآخرين، يُفضل أن يشجع الوالدين أبناءهم على قياس تقدمهم الشخصي، فيدعمون التطور الفردي لكل ابن أو بنت حسب إمكانياته الخاصة.
- خلق بيئة تواصل آمنة: من المهم للأهل أن يوفروا بيئة آمنة يشعر فيها الأبناء أنهم يستطيعون التعبير عن مخاوفهم وأحلامهم دون خوف من النقد.
- التوعية بالتأثيرات السلبية للمقارنة: قد لا يدرك بعض الآباء الضرر الذي تحدثه المقارنات على نفوس أبنائهم. التوعية بهذا الموضوع يمكن أن تساعدهم على اعتماد نهج تربوي جديد، يعتمد على التشجيع والإرشاد بعيداً عن الانتقادات الهدامة.
- بناء علاقات صحية مع الإنجازات: تعزيز مفهوم أن القيمة الحقيقية تأتي من داخل الإنسان وليس من إنجازاته وحدها، وأن لكل شخص وتيرة خاصة في النمو وتحقيق النجاح.
دور المجتمع والمدارس في تعزيز الثقة بالنفس:
إلى جانب الأسرة، يلعب المجتمع والمدرسة دوراً أساسياً في تشكيل شخصية الأبناء. يمكن للمدرسين والمستشارين الاجتماعيين أن يعززوا الثقة بالنفس لدى الشباب من خلال بناء بيئة داعمة تشجع على التفكير النقدي والنمو الشخصي بدلاً من المنافسة غير الصحية.
ختاماً، الثقة بالنفس هي أساس نجاح الإنسان وتوازنه النفسي، ويجب على الوالدين، كداعم أساسي في حياة أبنائهم، أن يكونوا مصدر تشجيع وإلهام. إذا نجحوا في ذلك، سيمكنهم مساعدة الأبناء على تجاوز التحديات والنجاح في حياتهم، بما يعكس قدراً أكبر من الراحة النفسية والإنجازات الحقيقية.