الاتحاد الاشتراكي بين الموت السريري والانبعاث المستحيل: إدريس لشكر وتمديد العبث السياسي

في مشهد سياسي لا يخلو من العبث والمفارقات، يواصل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تشبثه المثير بالكرسي التنظيمي للمرة الرابعة، ضاربًا عرض الحائط كل المبادئ الديمقراطية التي طالما تغنى بها الحزب نظريًا، ومُجهزًا على ما تبقى من رمزيته التاريخية وهيبته التي صنعها مناضلون حقيقيون بعرقهم وتضحياتهم، لا بمناورات انتهازية ومصالح ضيقة.
اليوم، يبدو أن إدريس لشكر لم يعد يمثل سوى نفسه ومحيطه العائلي والمصلحي، فيما يُقدَّم الحزب العريق، الذي كان يومًا من الأيام رقماً صعباً في معادلة الحكم، على طبق من ذلّ في بازار السياسة المغربية، بحثًا عن مناصب وامتيازات، ولو على حساب تاريخه النضالي ومصداقيته الأخلاقية.
من حزب كان يُخشى موقفه وتُحسب له ألف حساب، تحول الاتحاد الاشتراكي، في عهد لشكر، إلى نكتة سياسية، مثار سخرية المتتبعين والخصوم على حد سواء. فقد شُلّت أجهزته، وجُمّدت مؤسساته، وانهارت قيمه، بعدما اختارت القيادة الحالية الاصطفاف وراء من يضمن “الغنيمة” لا المبادئ. فهل يُعقل أن الحزب الذي أنجب المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ينتهي به المطاف تابعاً ذليلاً، يتوسل “فتات” التحالفات المشبوهة؟
الرفض العارم داخل صفوف الحزب لتجديد ولاية لشكر، وقرار عدد من المناضلين بتجميد عضويتهم، ليس مجرد احتجاج داخلي عابر، بل هو صرخة سياسية حقيقية تعبّر عن فقدان الثقة في قيادة تعتبر اليوم أبرز عقبة أمام إنقاذ الحزب من الانهيار. وتقود هذه الموجة الإصلاحية فئة من الشباب الاتحاديين الجدد – جيل “زيد” – الذين يرون في التغيير آخر فرصة لبعث الروح في جسد يحتضر.
المثير للسخرية أن لشكر، بدل أن يلتقط هذه الرسائل الواضحة، يسعى لتسويق فكرة “رئاسة استشارية” جديدة تضمن له البقاء في المشهد الحزبي، وكأن الأزمة في الشكل لا في المضمون، وكأن الاتحاديين ينتظرون وصاياه الفكرية وهم في الواقع يصرخون: كفى من العبث!
إن من يسعى إلى توريث الحزب بدل تجديده، لا يستحق لا الاستمرار ولا الاحترام. ومن يتعامل مع الاتحاد الاشتراكي كمزرعة خاصة يديرها وفق نزواته وتحالفاته الشخصية، فهو خائن لتاريخ الحركة الاتحادية، ولدماء الشهداء والمعتقلين والمناضلين الذين أسسوا هذا الصرح على مبادئ النضال والكرامة.
لقد حان الوقت للاتحاديات والاتحاديين أن يرفعوا صوتهم عالياً:
لا لشكر بعد اليوم. لا للوصاية. لا للذل السياسي.
فإما أن يُبعث الاتحاد الاشتراكي من رماده بقيادة جديدة تُعيد إليه بريقه، أو يُعلن موته رسمياً تحت أنقاض انتهازية لشكر ومن يدورون في فلكه.