أخبار عامة

260 سنة سجناً نافذاً في واحدة من أضخم المحاكمات التي عرفتها محاكم الجنوب المغربي

في سابقة وُصفت بـ“التاريخية”، شهدت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في أكادير، مساء الثلاثاء، صدور أحكام وُصفت بـ”الثقيلة” بلغ مجموعها 260 سنة سجناً نافذاً، في حق 33 متهماً من مختلف مناطق جهة سوس ماسة، بعد إدانتهم في قضايا تتعلق بـ أعمال عنف، تخريب ممتلكات عمومية وخاصة، ومهاجمة عناصر أمنية


تفاصيل الأحكام حسب المناطق

🔹 منطقة هوارة
كانت في صدارة الملفات، حيث أدين 19 متهماً، من بينهم 12 شخصاً حُكم عليهم بـ 10 سنوات سجناً نافذاً لكل واحد، فيما تراوحت العقوبات لباقي المتهمين بين 6 سنوات، 5 سنوات، وسنة واحدة.

🔹 مدينة بيوكرى
أصدرت المحكمة أحكاماً بـ 10 سنوات سجناً نافذاً في حق 8 متهمين تورطوا في أعمال عنف وتخريب للممتلكات العامة.

🔹 مدينة تيزنيت
متهم واحد نال عقوبة 10 سنوات سجناً نافذاً، بعد تورطه في الاعتداء على عناصر أمنية وإلحاق أضرار بممتلكات عامة.

🔹 مدينة تارودانت
صدرت أحكام متفاوتة في حق 4 متهمين، وصلت إلى 15 سنة، 10 سنوات، 6 سنوات، وسنة واحدة، تبعاً لدرجة تورط كل متهم في الأحداث.

🔹 منطقة أيت عميرة
حكم على متهم واحد بـ 6 سنوات سجناً نافذاً، بعدما ثبتت مسؤوليته في أعمال شغب وإتلاف ممتلكات عمومية.


تعويضات مالية لفائدة المؤسسات الأمنية

أمرت المحكمة كذلك بأداء تعويضات مالية مهمة لفائدة المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي، تعويضاً عن الأضرار المادية التي طالت تجهيزاتهم وممتلكاتهم أثناء الأحداث التي عرفتها مناطق أكادير، إنزكان، القليعة، بيوكرى، وتيزنيت.


خلفية الأحداث

القضايا التي نظرت فيها المحكمة تعود إلى سلسلة أعمال شغب عنيفة شهدتها مناطق متفرقة من جهة سوس ماسة خلال الأشهر الماضية، تخللتها اعتداءات على عناصر الأمن والدرك أثناء تأدية مهامهم، وتخريب ممتلكات عامة كسيارات الخدمة، مقرات جماعية، وأضواء عمومية.

وأثارت تلك الأحداث حينها حالة استنفار أمني واسع، استدعت تدخل فرق أمنية خاصة لإعادة النظام وفتح تحقيقات موسعة تحت إشراف النيابة العامة المختصة.


رسالة قوية من القضاء

تُعد هذه الأحكام من أشد العقوبات الصادرة في السنوات الأخيرة في المنطقة، واعتبر مراقبون أنها رسالة واضحة من القضاء المغربي مفادها أن “الدولة لن تتسامح مع أي شكل من أشكال الفوضى أو الاعتداء على رجال الأمن ومؤسسات الدولة”.

مصادر قضائية أكدت أن هذه المحاكمات جرت في احترام تام لضمانات المحاكمة العادلة، وأن الدفاع قدم مرافعته في جو من الانضباط، قبل أن تصدر المحكمة أحكامها بناءً على ما توفر لديها من أدلة وشهادات.


خلاصة

بهذه الأحكام القاسية، تكون محكمة الاستئناف بأكادير قد وجهت إنذاراً حاسماً ضد الفوضى والتخريب، مؤكدة أن الأمن والاستقرار خط أحمر، وأن العدالة المغربية تواصل دورها في حماية هيبة الدولة وتطبيق القانون بحزم وعدالة.


🔵 الانعكاسات الأمنية والاجتماعية للأحكام على جهة سوس ماسة

الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف بأكادير لم تكن مجرد قرارات قضائية تقليدية، بل مثلت تحولاً نوعياً في تعاطي الدولة مع ظاهرة الشغب والعنف الجماعي، خصوصاً في مناطق الجنوب التي شهدت خلال الأشهر الأخيرة بعض التوترات الاجتماعية المحدودة.


أولاً: تعزيز هيبة الدولة وهيمنة القانون

هذه الأحكام الثقيلة، التي تجاوز مجموعها 260 سنة سجناً نافذاً، تؤكد أن هيبة الدولة خط أحمر لا يمكن تجاوزه. فالقضاء بعث برسالة صارمة مفادها أن الاعتداء على الممتلكات العامة أو مهاجمة عناصر الأمن هو جريمة لا تبررها أي ذريعة اجتماعية أو احتجاجية.
ويرى مراقبون أن القرار سيؤدي إلى ردعٍ فعليٍّ لأي محاولة مستقبلية لنشر الفوضى أو التحريض على العنف، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت في بعض الحالات منطلقاً لتأجيج الأحداث.


ثانياً: استعادة الثقة في المؤسسات

من الناحية الاجتماعية، ساهمت هذه الأحكام في تعزيز ثقة المواطنين في القضاء والأجهزة الأمنية. فالكثير من سكان المناطق المتضررة – خاصة في هوارة، بيوكرى، وتيزنيت – عبّروا عن ارتياحهم لعودة الهدوء وانتظام الحياة اليومية، بعد فترة من التوتر والقلق.
الرسالة هنا واضحة: الدولة تحمي المواطنين وتضمن لهم الأمن، لكنها في المقابل لن تتهاون مع من يحاول المساس باستقرارهم.


ثالثاً: إعادة النظر في المقاربة التنموية المحلية

في المقابل، يرى محللون أن هذه الأحداث يجب أن تُستثمر كفرصة لمراجعة المقاربة التنموية في بعض المناطق التي تعرف هشاشة اقتصادية واجتماعية.
فالعقاب وحده لا يكفي، بل ينبغي أن يترافق مع برامج إدماج للشباب، وتوفير فرص عمل، ودعم مبادرات المجتمع المدني لامتصاص التوتر الاجتماعي.
وبذلك، يصبح الأمن جزءاً من مشروع تنموي متكامل، لا مجرد استجابة ظرفية للأحداث.


رابعاً: القضاء كضامن للتوازن

من الناحية القانونية، شكلت هذه المحاكمة اختباراً جديداً لاستقلالية القضاء المغربي، الذي استطاع أن يُوازن بين تطبيق القانون بحزم، وضمان حقوق الدفاع والمتهمين.
وقد نُظمت الجلسات في ظروف حضرها المراقبون، وسط إجراءات تأمين دقيقة واحترام تام للضوابط القضائية، ما عزز صورة العدالة كمؤسسة تحمي الحقوق وتفرض النظام في آن واحد.


تُمثل هذه الأحكام محطة مفصلية في مسار الأمن القضائي بجهة سوس ماسة، إذ أعادت التأكيد على أن الأمن والاستقرار لا ينفصلان عن العدالة والتنمية.
كما أعادت رسم ملامح علاقة جديدة بين المواطن والدولة، قوامها الاحترام المتبادل، والمساءلة، والالتزام بالقانون.

فمن هوارة إلى تيزنيت، مروراً ببيوكرى وأيت عميرة، تصل الرسالة واضحة:

“من يمسّ بأمن الوطن، يواجه عدالة الوطن.” ⚖️🇲🇦


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button