أخبار عامة

طارق السكيتيوي.. من دفاع امسرنات إلى عقل كروي يقود من الخطوط إلى التتويج


البدايات التي صنعت لاعباً… ورجلاً يعرف كرة القدم

قبل أن يُعرف طارق السكيتيوي اسماً وازناً في كرة القدم الوطنية، لاعباً ومدرباً، وقبل أن يتداول الإعلام تحليلاته التكتيكية وقراءته الهادئة للمباريات، كان مجرد شاب نحيف الجسد، قوي الإرادة، يحمل كرة تحت ذراعه ويتوجه كل مساء إلى ملعب دفاع امسرنات بمدينة أكادير، حيث بدأت الحكاية الحقيقية.

مدرسة امسرنات: حيث تُصقل الشخصية قبل المهارة

في تسعينيات القرن الماضي، لم يكن فريق دفاع امسرنات مجرد نادٍ هاوٍ، بل كان فضاءً اجتماعياً وتربوياً، تُصنع فيه القيم قبل النتائج. داخل هذا المناخ، برز طارق السكيتيوي بسرعة لافتة، ليس فقط بموهبته التقنية، بل بذكائه داخل الملعب وانضباطه خارجه.

يقول أحد المدربين الذين أشرفوا عليه في تلك الفترة:

“كنا نرى في طارق لاعباً يفكر قبل أن يلمس الكرة. لم يكن يضيع الجهد في الجري بلا معنى، كان يعرف متى يضغط ومتى يهدئ اللعب، وهذا نادر في لاعب شاب.”

لاعب بعقل مدرب

منذ تلك المرحلة المبكرة، كان السكيتيوي يتصرف وكأنه لاعب مخضرم. يوجه زملاءه، يطلب الكرة في الأوقات الصعبة، ويتحمل مسؤولية اللعب تحت الضغط. أحد زملائه السابقين بدفاع امسرنات يتذكر قائلاً:

“كنا نلجأ إليه في المباريات الصعبة. وجوده في الوسط كان يمنحنا توازناً وثقة، حتى وهو في سن صغيرة.”

هذه الصفات جعلته محط اهتمام المتابعين المحليين، لتبدأ رحلته نحو أندية أكبر، حيث راكم التجربة وطور إمكانياته، وفرض نفسه لاعباً يتميز بالهدوء، الرؤية، والفعالية.

من لاعب ميداني إلى رجل تكتيك

مسار السكيتيوي كلاعب لم يكن صاخباً، لكنه كان ثابتاً ومتدرجاً، وهو ما انعكس لاحقاً على انتقاله الطبيعي إلى عالم التدريب. فالرجل الذي تعلم في امسرنات معنى الانضباط والعمل الجماعي، لم يكن غريباً أن يتحول إلى مدرب يفضل التنظيم، قراءة الخصم، وبناء الفريق على أسس واضحة.

أحد المتتبعين لمساره يرى أن جذور المدرب السكيتيوي تعود لتلك المرحلة الأولى:

“من يعرفه في امسرنات، لا يستغرب طريقته اليوم كمدرب. نفس الهدوء، نفس العقلانية، ونفس الإيمان بأن كرة القدم تُفهم قبل أن تُلعب.”

ذاكرة الانتماء

ورغم ما حققه لاحقاً، ظل دفاع امسرنات جزءاً أصيلاً من ذاكرة السكيتيوي. فهناك تعلم أن الطريق إلى النجاح لا يمر دائماً عبر الأضواء، بل عبر العمل في الظل، واحترام المراحل، والصبر على التطور.

خلاصة

قصة طارق السكيتيوي ليست فقط قصة لاعب أو مدرب، بل قصة مسار بدأ من أحياء أكادير، من فريق متواضع اسمه دفاع امسرنات، وانتهى إلى رجل كروي يفهم اللعبة بعمق. إنها شهادة جديدة على أن كرة القدم المغربية لا تزال تُنجب أبناءها الحقيقيين من الملاعب الصغيرة، حيث تُصنع الأحلام الكبيرة بصمت.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button